![]() |
الاحترام المتبادل: جسر العبور إلى قلب الشريك |
عزيزى القارئ / عزيزتى القارئة تحدثنا فى المقال السابق بعنوان الثقة والصدق من سلسلة :اسرار السعادة الزوجية، هذه سلسلة مقالات مفيدة جدا انصحكم بمتابعتها، خاصة للازواج الجدد وكذلك المقبلين على الزواج، حيث ان هذه المقالات مستوحاه من تجارب السابقين وخبراتهم، واليوم اسمحوا لى ان نتناول المقال الثالث باسم الاحترام المتبادل بين الزوجين:جسر العبور الى قلب الشريك هذا المقال هو الركيزة الثالثة ضمن السلسلة.
الاحترام المتبادل بين الاشخاص العاديين والتى تربطهم علاقة صداقة، او علاقة عمل، او اى علاقة مهما كانت نوعها ليس رفاهية، بل هو امر وجوبى والاولى ان نهتم بالاحترام المتبادل بين الزوجين، من خلال العلاقة الزوجية وهى تعتبر من اقوى وارقى انواع العلاقات، حيث ان الاحترام يربط بين القلوب خاصة فى العلاقات الزوجية، خاصة وانها رحلة طويلة الامد ولها محاور عدة ومنها.
الاحترام امتداد ودعم للثقة والصدق
بالفعل لو تاملنا المقال السابق الثقة والصدق ندرك تماما بانهما من المحاور الهامة جدا، وموضوع اليوم الاحترام بين الزوجين لا يقل بحال من الاحوال عنها، بل يمكن القول بانه الاهم على الاطلاق لان الاحترام فى حد ذاته من المشاعر الطيبة والتى تغرس فى نفوس اطراف العلاقة الطمانينة، ويجعل اطراف العلاقة يقفون على ارض صلبة لا تهتز، ولا تتغير مهما مرت عليها العواصف، والاحترام ياسادة الذى يوفر للجميع حفظ كرامتهم.
صور الاحترام بين الزوجين
من صور الاحترام بين الزوجين احترام المشاعر
الاستماع جيدا للطرف الاخر حين يتحدث ويعيره انتباهه، هذا يشعر المتحدث بمدى اهميته والاستماع له لن يكلف شيئا.
ايضا يجب ان نتجنب عدم السخرية من المتحدث، مما له الاثر السلبى ويشعره بالاحباط.
عدم السخرية من المشاعر والاحاسيس المختلفة للاطراف، وعدم تهوين هذه المشاعر بل ويجب على الطرفين احتواء الطرف الاخر، حيث ان السخرية قد تؤدى الى انهيار العلاقة او تجعلها منتهية الصلاحية.
التعبير عن الامتنان والشكر بكلمات بسيطة رقيقة، قد ترفع معنويات الطرف الاخر لعنان السماء وتحيى المشاعر المكنونة، بل وتتسبب فى نسيان عناء وضغط العمل الشاق سواء داخل او خارج المنزل.
من صور الاحترام بين الزوجين احترام الخصوصية
اولا منح كل طرف مساحته الخاصة بما يطلق عليها الخصوصية، ولا نقصد بذلك الخصوصية المطلقة ولكن، مساحة خاصة لممارسة اهتماماته المفضلة دون اى مضايقات من الطرف الاخر.
ثانيا عدم التجسس على الهواتف والرسائل باى شكل من الاشكال، حيث ان هذا التصرف قد يطيح بالعلاقة الزوجية من الاساس لان هذا التصرف ممارسة غير طبيعية نهائيا.
ثالثا يجب على الزوجين الوضع فى الحسبان بان الزواج ليست انتهاء لعصر الفردية، لان الزواج اكبر من ان يهدم شخصية وكينونة الطرف الاخر، لان الزواج اكبر داعم للطرفين بمساندة كلا منهم لبعضهما البعض.
احترام الراى الاخر عند الاختلاف
1ــ عند الاختلاف فى الراى لا يجب الاستبداد برايك او تسفيه الرأي الأخر، بل يجب على الطرفين احترام الرأي المخالف لرأيه حتى عند الخلاف، ويجب الانصات والاستماع جيدا للطرف الاخر، لان الاستماع لوجهة النظر المخالفة لرايك باحترام يجبر الآخرين على احترامك لاشك.
2 ــ لا تخلو اى علاقة من الخلافات، ولكن تظهر علامات الاحترام عند الاختلاف، حيث أن مناقشة الخلافات، وطريقة حلها بكل هدوء، مظهر من مظاهر الاحترام، وتقديم حجج منطقية عند قبول او رفض القضية صاحبة النقاش، يدل على رقى التعامل والتعامل مع الخلاف.
3 ــ يجب ان نتقبل فكرة أن الرضا والاتفاق التام امر غاية فى الصعوبة، بل مستحيل ان نرضى ونتفق على طول الخط، ويجب ان ندرك أن الاختلاف او الخلاف لا ينفى الحب، ومن الأمثال الشهيرة ترتقي لمرتبة الحكمة أن الاختلاف لا يفسد للود قضية.
4 ــ الاحترام في الأفعال الصغيرة، مثلا يجب على الزوجة الامتنان والشكر لزوجها على تعبه فى عمله، وان يذكر كلا من الطرفين الطرف الآخر بكل خير والاحترام فى حضوره وغيابه خاصة.
أثر الاحترام في الأبناء
يجب الانتباه جيدا بان الابناء هم ثمرة الزواج، والكل يبذل قصارى جهده لتربية الأبناء تربية حسنة، ومن متطلبات التربية ان يرى الأبناء مدى احترام أبويهما لبعضهما البعض، لان البيت يربى قبل المدرسة والأطفال يتعلمون من الآباء ما لم يتعلموه من المدارس.
النتائج الملموسة من احترام الأبوين
الطفل الذى يرى ان السمة الرابطة بين أبويهما الاحترام، ينشأ وهو يقدر دور المراة وهذا له اثر ايجابي فى المستقبل سواء فى حياته العملية والزوجية.
الطفلة الذى ترى امها تحترم اباها، ينشأ عندها وبكل تاكيد هذا الشعور، وينمو وبالتبعية تطبيقه فى مستقبلها عند الزواج.
لا شك ان الاجواء الهادئة للمناخ الأسري تمنح الأبناء ثقة بأنفسهم، والأجواء الهادئة مختلفة تماما عن البيئة المليئة بالاهانات وأثره على المجتمع ككل.
الاحترام والانسجام العاطفي
قد يظن البعض ان الحب وحده يكفى لبناء علاقة زوجية ناجحة، ولكن الاحترام هو الذى يمنح الحب جذور تضرب الأرض لتنمو، ومعلومة مؤكدة ان الحب بلا احترام علاقة سامة.
كيف نحافظ على الاحترام وسط ضغوط الحياة؟
لا شك ان الحياة تمر بمراحل مختلفة منها اللطيف، ومنها غير اللطيف من مشاكل وخلافه، عواصف الحياة الزوجية مليئة بالاحتكاكات التى تولد اختلافات ومشاكل، ولكن علينا الصبر واحتواء المشاكل، ومن الاجمل ان نتعامل مع اى مشكلة بتريث واحترام، فمثلا هناك ضغوطات مالية، ومسئولية الابناء، واعباء العمل، ومن الممكن تحديات صحية او نفسية، ومع ذلك يظل الاحترام المتبادل هو خيط النجاة الذى يحافظ على العلاقة الزوجية من الانهيار.
التحكم في الغضب
الغضب ياسادة مثل النار التى تلتهم الهشيم، بل وتلتهم جسور الود والمحبة، للاسف لحظة غضب قد يهدم ما بُني فى سنوات، ومن الحكمة دائما التحكم فى التعبير عن غضبى، ومن المستحسن انهاء الحديث وارجائه عند تهدئة الاجواء.
الاعتذار عند الخطأ
الاعتذار عند الخطأ لا يقلل من شخصية المعتذر، بل ان الاعتذار هو من شيم الكبار، الاعتذار ليس بضعف ولكن الاعتذار قوة لا يقدر عليه الا الاقوياء، ومن يقوم بالاعتذار يزداد احتراما فى عيون الاخرين، وكلمة اعتذار يشعر الطرف الاخر بقيمته وانه يمثل شيئا للطرف الاخر.
الفصل بين المشكلات والعلاقة
اذا تعرض الزوج لضغوط خارج البيت وهذا امر وارد وطبيعى، فلا يليق به الانفجار بغضبه فى منزله، ولا من حق الزوجة ان تنفعل على زوجها بداعى ضغوط الحياة ومتطلبات الزوج والاولاد، ومن هنا يجب ان يعرف كلا من الطرفين انه من الاحترام عدم تفريغ الضغوط فى الطرف الاخر.
خطوات عملية لتعزيز الاحترام
من خطوات عملية تعزيز الاحترام لغة الحوار الايجابية، مثل استخدام بعض الكلمات البسيطة واستخدام "من فضلك" "لو سمحت" "شكرا"، هذه كلمات بسيطة ولكن مؤثرة جدا، وعلى النقيض يجب عدم استعمال اسلوب الاوامر، والانتقاد الجارح، بل التعبير عن التقدير بابتسامة رقيقة تكفى.
الاهتمام بالتفاصيل
الاحتفال بمناسبات عائلية بسيطة، مثل عيد الزواج او نجاح الابناء.
تذكروشارك مايحبه الشريك الاخرمن هوايات او طعام.
تقديم لفتات صغيرة تعبر عن الامتنان وتشعر الطرف الاخر بقيمته.
الاعتراف بما يقدمه كل طرف من تضحيات.
عدم اعتبار ان اى عمل هو واجب مرغم عليه دون تقدير.
فكرة قضاء ساعة اسبوعيا للحوار الصريح امر رائعا للغاية.
الخروج فى نزهة بسيطة بعيدا عن ضغوط الحياة تعيد الامل والنشاط من جديد.
الاحترام في مواجهة الخلافات
الخلافات فى اى علاقة أمرا طبيعيا، والعلاقة الزوجية كذلك، ومن الضروري ان يكون حل الخلافات بشكل احترافى محترم وباسلوب يقوى العلاقة اكثر من السابق، علما بان طريقة حل الخلاف هو الذى يحدد ان كان الخلاف سيقوى العلاقة ام يضعفها.
ممنوع منعا باتا توجيه اى الفاظ خارجة عن المالوف او الفاظ جارحة اثناء الخلاف.
يفضل عدم فتح ملفات قديمة مشابهة لنوع الخلاف.
اعطاء الطرفين نفس مساحة التعبير.
الاستماع نصف الاحترام، حين ينصت الزوج لزوجته حتى تنتهى من حديثها، فانه يمنحها تقديرا لا يقدر بثمن.
الاحترام قيمة أصيلة في الأديان المنزلة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"، هذا الحديث يبين أن معيار الخيرية مرتبط بمدى الاحترام والتقدير داخل البيت.
الزوجان اللذان يحترمان بعضهما ينعكسان على المجتمع المحيط، الأقارب، والأصدقاء يرون نموذجًا مشرفًا، والأبناء يتعلمون درسًا عمليًا، أما العلاقة التي تخلو من الاحترام، فهي لا تضر فقط بأطرافها، بل تشوه صورة الأسرة والمجتمع بأسره.
خاتمة: الاحترام حصن السعادة الزوجية
في رحلتنا مع "أسرار السعادة الزوجية"، بدأنا بمقال التواصل الفعال بين الزوجين، ثم الثقة والصدق: اساس البيت الامن، والآن نكمل السلسلة الاحترام المتبادل بين الزوجين، إنه ليس مجرد قيمة ثانوية، بل هو الركن الثالث الذي يستند عليه البيت، ويحفظ القلوب من التصدع.
إذا كان الاحترام هو الجسر الذي يربط القلوب، فماذا نفعل عندما تُصاب هذه القلوب بجراح عميقة بسبب الخلافات؟
في المقال القادم بعنوان "فن التسامح: دواء الخلافات وبلسم الجروح"
سنكشف كيف يمكن للتسامح أن يُعيد الحياة للعلاقة الزوجية، ويمنح العلاقة فرصة جديدة للنمو والدفء.